الاثنين، 13 مارس 2017

الأفلام المصرية مؤخراً.. أحياناً يمكن أن ندعوها أفلاماً

من المفروض أن تحاول السينما العربية -خاصة المصرية منها- التفوق على ظاهرة أفلام اليوتيوب أو فيديوهات وسائل التواصل الاجتماعي أو منافستها بجديّة على الأقل، لكن الذي لم أفهمه هو مستوى المادة المرئية المتدنّي التي تقدمها السينما المصرية  الكوميدية منها خاصة!

ربما يكون فلم "توم و جيمي ٢٠١٣" من بطولة "هاني رمزي" أول ما يتبادر إلى ذهني كمثال عن الكوميديا المصرية السيئة و التي من الممكن أن تكون مثالاً مناسباً لأي كاتب أو سيناريست مبتدئ يوضع هذا العمل أمامه كأسوأ ما يمكن عمله أو ليحذَر من الكم الهائل من السذاجة و الصراخ و التفكك و كل العناصر السيئة المجتمعة في الفلم.

"هاني رمزي" الذي عرفناه بدايةً في فيلم "صعيدي في الجامعة الأمريكية" مع هنيدي، ثم استطاع أن يلعب على وتر الوطنية في فلم "عايز حقي" الى فلم "محامي خلع" الذي سلّط الضوء فيه على قضية اجتماعية بكوميديا خفيفة كان جيداً فيها، لكنه بدأ بعدها بالانحدار الى أفلام استعراضية لا تتناسب مع شكله و أسلوبه في تقليد أعمى لأفلام هوليودية مثل فلم "نمس بوند" و فلم "أسد و أربع قطط" و غبي منه فيه" التي كانت أفلاماُ خفيفة تقدّم تهريجاً و استعراضاً لا أعلم سبب ابتعاد السيناريو فيها عن الترابط و عدم تقديم الفكرة أو طرحها بشكل مفيد و غني!

أما فيلم "توم و جيمي" فهو مثال حقيقي للانحدار الذي يتوازى فيه صاحبنا "هاني رمزي" مع الاستعراضيات المصريات اللواتي يقدمّن أغانٍ ساذجة رخيصة مليئة بالقرف و الصراخ و الاستعراض الفارغ من المضمون.

الحقيقة ما يدفعني للحديث عن هذا الفيلم هو أنني شاهدته بالصدفة اليوم على اليوتيوب و الحقيقة لم استطع متابعته كاملاً فقد كنت استعمل زر التقديم حتى أنتهي من مشاهد التكسير و الصراخ و من شكل هاني رمزي أو "توم" و طريقته في الكلام بفمه المنفوخ و "عبطه" المصطنع على أنه شخص في الثلاثين بعقل طفل عمره ٧ سنوات.

ليس الفيلم المصري الوحيد الذي يدل على انحدار صناعة السينما في مصر، و لكنه مثال على تأثير انحدار هذه الصناعة على النجوم، ففيلم "حسن و بقلظ" المنسوخ عن فيلم أميركي شهير هو "Stuck on you" لمات ديمون وغريغ كينير، يوضح بأن التقليد الأعمى لا يأتي بنتيجة بل تتحول عبره الكوميديا إلى سماجة تصل الى حد القرف، فالفيلم يتحدث عن أخين ملتصقين ببعضهما و لكنني أشعر دائماً في محاولة التقليد لهذه الأفلام بأن الكاتب أو السيناريست هو واحد من اثنين: أما شخص سطحي و يرى الأشياء و الأفلام الامريكية بسطحية شديدة، أو أنه يحاول أن يجعل الفلم شعبياً فيسقط في مستنقع التقليد الغبي.

و يحضرني العديد من الأفلام التافهة من وجهة نظري و التي أتأسف على الجنيهات التي صرفت على انتاجها مثل: "كلب بلدي" الذي يتحدث عن شخص نصفه كلب و نصفه انسان و لا يستطيع الفلم امساك الحبكة و تقديم كوميديا مبتكرة، و فلم "حملة فريزر" الذي يتحدث عن فترة برد شديد تمر على مصر و يكتشف ابطال الفلم ان جهازاً يتحكم في حرارة الدول هو السبب في انخفاض درجة الحرارة، و تتكرر هنا السطحية في تناول الفكرة و النكات المتكررة و الغير مضحكة، و فلم "القرموطي في ارض النار" الذي يتحدث عن رحلة القرموطي الى مناطق داعش و تدريبه ثم أمرهم له بتنفيذ عملية في مصر لكن بطريقة سطحية جداً جداً و الخطابة المباشرة السمجة، و فلم "ياباني أصلي" الذي يتناول مقارنة بين المجتمعين المصري و الياباني حيث يحاول بطل الفلم حضانة ولديه الذان كانا يعيشان في اليابان مع أمهما اليابانية التي انفصلت عن البطل، و بشرط من السفارة اليابانية انه خلال ستة أشهر يخضع الطفين فيهما لمراقبة صحية و تعليمية إذا حافظ على المستوى فتحق له الحضانة، لكن الفلم يحاول تقليد "عسل أسود" لأحمد حلمي بطريقة فاشلة و غير مترابطة و حبكة لا منطقية و هزلية مقيتة.

الحديث يطول و الأفلام السطحية و المرتبكة كثيرة و لا أعلم السبب بصراحة و متفاجئ، حتى نجوم مصر كأحمد حلمي و إمام و الفيشاوي و غيرهم..يقعون في نفس المطب "التفكك و السطحية" في أفلامهم الأخيرة مع أن أفلامهم تقدم نكتة مضحكة و أداء أقوى للمثلين و للفريق الفني، بالإضافة إلى حبكة أفضل بكثير و أستطيع كمشاهد متابعة أفلامهم حتى نهايتها.

أتوقف هنا عند ظاهرة لاحظتها في الأفلام المصرية مؤخراً أيضاً لا أعلم مدى سلبيتها، و هي تكرر وجوه الممثلين كـ"أحمد فتحي" و "بيومي فؤاد" و الذي تكرر في ١٣ فلم خلال عام ٢٠١٦ فقط و هي :
- لف و دوران - ٢٠١٦
- البس عشان خارجين - ٢٠١٦
- كلب بلدي- ٢٠١٦
- حملة فريزر- ٢٠١٦
- سطو مثلث - ٢٠١٦
- أوشن ١٤ - ٢٠١٦
- خيال حلمي- ٢٠١٦
- أبو شنب - ٢٠١٦
- كدبة كل يوم - ٢٠١٦
- عسل أبيض - ٢٠١٦
- جحيم في الهند - ٢٠١٦ 
- كايرو كاتي كوت - ٢٠١٦
- جحيم في الهند - ٢٠١٦

و بالأصل كنت قد شاهدته مكرراً ايضاً بنفس بروده و نكاته بدور السجين  في فيلم "كابتن مصر" مع محمد إمام، و مسلسل "الكبير قوي" مع أحمد مكي.

في الختام أقول لصناع الأفلام المصرية بلهجتهم "في إيه؟؟" ... فصناعة المادة المرئية في الوطن العربي  بدأت بالتعري بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها، و عبر كميرة موبايل و قناة يوتيوب أو صفحة فايسبوك استطاع الكثير من الموهوبين المغمورين الوصول لملايين المتابعين و المشاهدين دون أي رقيب أو سياسة هذه القناة أو تلك أو هذه الدولة أو تلك، و أنتم تقدمون للعرب و للمصريين هذه السينما السطحية و الهابطة و المقيتة! على ماذا تعاقبون المشاهد العربي الذي بدأ يشعر بالملل الشديد و القرف من السينما المصرية، و أتمنى من كل قلبي أن تعود هذه المنصة الساحرة إلى مكانتها و إزاحة المتسلقين و التجار بعيداً .. و بعيداً جداً.

وائل عادل - آذار -  ٢٠١٧

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق