الاثنين، 24 سبتمبر 2018

قصص أبو عبدو جارنا - البنت التي جعلتني طبّيقاً (21)

أبو عبدو جارنا وقت كان مراهق "فترة قبل الجيش" اتفق مع رفقاته يشوفوا فلم منزلي، و هديك الأيام كانت الافلام على الفيديو العادي شريط فيديو كبير، و السهرة كانت ببيت حسام رفيقهن بالحارة الضيقة قفا حارتنا و كانوا أهله مسافرين على الشام مشان يحضروا عزاء ابن عم ابوه.

أبو عبدو قلي أنه كان عم يسن سنانه ليشوف هالفلم من سنين، و ما صدّق أنه صارت اللحظة اللي عم ينتظرها من زمان كتير، بس اللي ما كان حاسب حسابه هو أنه أول مرة بيشوف هيك شي و في حواليه رفقاته، و خجل و عمل حاله عم يوجعه بطنه و ممغوص و هرب ما تفرج عالفلم.

هرب و مشي حتى وصل لحديقة القباقيب كان وقت الغروب و الدنيا ربيع، كانت أفكاره لأبو عبدو عم تروح و تجي و تردد ألف مرة من وقت طلع من الباب للدرج لتحت لما وصل عالحديقة أنه أنا ليش مشيت؟ هلأ بيقولوا عني خروق، و من كتر الخيالات اللي كان عم يتخيلها عن الفلم، انفلج وقت صبية حلوة و صوتها ناعم قالتله مرحبا و جمد بأرضه و اتطلع فيها بخوف و الصبية استغربت، قالتله ممكن آخد من وقتك خمس دقايق؟

قالتله اسمها لونا، قلي أبو عبدو: أنا هون ما بقى استحمل، أي أنا من الشغل للبيت و من البيت للشغل و اكتر مرة حكيت مع بنت غريبة كانت موظفة السيرياتيل و كنت أخجل، عجب أقلا بحبك لهي الحرمة؟ هاد السؤال اللي كان محيرني، و بالأخير قررت أسمعا بركي هي قالت بالأول، قلتلا : اش بدك؟

و بلشت ترويلي قصص و حكايا و طلعت بالاخير مندوبة مبيعات و بدا تبيعني عطر طالعته من شنتتها بكيس هدايا صغير و قالتلي أنه هاد عطر فرنسي و اذا حطيت منه كل البنات بيحبوني، العطر حقه ١٢٥ ليرة، و انا ما معي غير ٢٥، بس هون عدّوا شبين من الشلّة نفسها بالحديقة كني رايحين يشتروا بزر من عند الرمّو، أنا هون تشجعت و الشباب وقفوا يبحلقوا فينا عيونن بظّت متر لقدام كأنه عبيتفرجوا عفلم رعب، هون بركت أنا وياها عمقعد بالحديقة و عطتني قنينة العطر بكيس هدايا، و أنا صرت أمطمط لبينما راحوا الشباب، و قلتلا أنه ما معي غير ٢٥ ليرة أخدتها و راحت.

و من وقتها صرت مدرسة و الشباب صاروا ياخدوا المواعظ مني شلون بتطبق البنت، و أش بتحكي معها و انواع الهدايا، و هيك تركوه لحسام هو و سهراته النظرية و انا صرت استاذ العملي.

المهم يا شباب موطن الشاهد: أنه ليس كل من برك مع بنت حلوة معناها طبقها.. 

الأربعاء، 12 سبتمبر 2018

قصص ابو عبدو جارنا - القرار (20)

٢٠٠٩ ..بستان القصر.. أدن المغرب من ساعتين و فطرنا و نزلنا انا و ابو عبدو جارنا نتسوق اغراض البيت للعيد كان يوم وقفة.. عبدو ابنه لابو عبدو جارنا كان راكض باتجاهنا و عم يصرخ بابا.. بابا.. برعب و ذهول و بكل صوته.. طبعاً أبو عبدو جمد بمكانه و كان في بإيده كيسين ضيافة عيد وقعوا ع الارض من كتر الانهيار اللي صابه و الافكار و المخاوف اللي دارت براسه ريثما وصل لعندو عبدو.. 

كنا واقفين بالنص بين محلات الجوجة و البصال .. اللي بيفصل بيناتهن اقل من ١٠ امتار .. هلأ كنا بالحارة مقسومين بين الجوجة و البصال.. مثلاً ناس بتبدل جرة الغاز عند البصال و ناس عند الجوجة، و طبعاً كل واحد اله اسبابه و دوافعه لهاد الانتقاء و الفرز.. و سلبيات اختيار البصال هي انه انت بتخسر خدمات كتير بيقدمها الجوجة العصبي اللي كان لحاله بالمحل بيشتغل و ايده اليمين كانت بدون ابهامه المقطوع من زمان، فكانت الغرابة بتبدا من وقت بتصافحه لوقت بتتفرج على فك و تركيب الغاز الصغير السفري بدون ابهام.

البصال هي كنية أو اسم العيلة لمجموعة من الشباب الشقران المؤدبين جداً هنن "بسام و سامر و بكري ومحمدو انس و عمار" و الاكبر هو بسام اسم على مسمى كان مستلم المحل و سامر اللي عمل عملية لرجله ب ٢٠٠٥ لحتى يقدر يلعب لعبته المفضلة كرة القدم لانه كانت عنده رجل اقصر من رجل، و بكري كان منشد و عندو محل نوفوتيه ملاصق، و محمد كان يشتغل برى الحارة و يلعب كرة قدم كتير كمان، و أنس و عمار كانوا صغار، بس كانوا يتململوا من الشغل مع بسام و سامر..

وصل عبدو عم يلهت .. و بملا صوته قله لأبوه:
- يووووب.. فضيت جرة الغاز قال أمي و ما استوى المحشي لسه..

الكف اللي خلعه أبو عبدو جارنا لابنه أنا ما شفت قبله و لا بعده.. الكف ما بينوصف يعني اجا حفر و تنزيل مكان ما الواحد بيشتهي تجي ايدو تماماً، و طلع صوت صفقة حوالينا الناس كلهن سكتوا و انداروا لعنا بلحظة وحدة، عبدو اللي طلع بابوه تطليعة غريبة ما استوعب الكف حتى انه بدال ما يقله لابوه ليش عم تضربني.. قله : نعم؟ يمكن ما استوعب الصدمة لبعد ثواني.. كان صدى الكف وقتها عم يتجول بين الحواري و عالاغلب وصل للقلعة طااااح..طاااااح...طااااااح

بعد لحظات استوعب عبدو و صاح و بلش يجعر و يبكي .. واع و ويع.. انا تدخلت و هدّيته لابو عبدو و لعبدو.. و مشينا من المكان و طبعا عبدو شال الكياس اللي وقعوا من ابوه و هو عم يشهق و يبلع البكوة متل ما أمره أبوه .. و كان كل شوي  يمسح انفه بطرف كمه.. وصلنا قدام البناية و طلع عبدو عالبيت و ابوه عم يتوعّده و يهدده و انا عم اتشفعله و ذكره بالعيد.. 

هلأ الموقف اللي ما بينحسد عليه أبو عبدو أنه الجوجة و البصال سمعوا عبدو عبيقول انه الجرة فضيت.. صحي بسام متسامح كتير و ما بيسأل حدا عن سبب تبديل الجرة من عند الجوجة بدال من عندو، بس كمان الواحد بيخجل منه، و بنفس الوقت الجوجة بيخوف لانه عصبي و لسانه ما بيرحم حدا، كان وقتها عمره بالأربعين و بسام ثلاثيني، و القصة أنه ابو عبدو كان عم يتحرفن و يتدين من التنين و يخبر التنين بانه ما بياخد غير من عندو و يحكي سلبيات التاني، على الرغم من انه بسام ما اله سلبيات و كان مثال يحتذى به بين شباب الحارة و لكن حجة الجوجة انه فتح بعده بكتير و نفس مصلحته، و هيك وقع صاحبنا بالفخ، و صار بدها خطة لحتى يلاقي منفد.

ليلة الوقفة ببستان القصر طويلة كتير كتير، بعني بالأيام العادية كانت محلات كتير ببستان القصر بتفتح للساعة ٣ الفجر و طبعاً كان في دكان اسمه عرفة ما بيسكر ابداً حتى مرة ب ٢٠١١ اجت البلدية لحتى تشمعله محله و تفاجأ هو و اللي بدو يشمعله المحل أنه ما في طريقة لتسكير المحل اللي ما تسكر من ١٠ سنوات.. و ليلة الوقفة كانت بتستمر عادة للصبح يعني للساعة ٦ الصبح في سوق و في ناس عم تتسوق اللي ناقصها.. و كانت هي الليلة على ابو عبدو صعبة و الوقت محاصره و الجرة لازم تنجاب أو رح تنتزع الطبخة .. طبخة العيد المقدسة.. و هيك قرر أبو عبدو ينزل الجرة...

وقت طلع من بنايته ابو عبدو جارنا و بإيدو الجرة كانت كل عيون اهل الحارة عليه، حتى في ناس طلعت عالبلاكين لحتى تعرف مين رح يختار، جوجة و لا بصال!.. دعبل ابو عبدو الجرة عشر امتار و وصل مقابيل ابو احمدالخضرجي اللي صاح يا حوينته.. يا حوينته.. و ابو احمد كان معروف توجهه لكل الحارة هو من انصار الجوجة .. بس قطع الشارع ابو عبدو و صاح سمير الحلاق من وراه و بإيدو المقص . و عمل حاله عم يصيح لولد بالشارع: لوين يا حمودة انتبه من السيارات لا تموت قبل العيد.. طبعاً سمير كان من انصار البصال و كان رفيقه بالمدرسة.. ابو عبدو تابع و وصل على رصيف الجامع و بقيله ٢٠٠ متر بيوصل للخط الفاصل بين الجوجة و البصال..

وصل لعند ابو علي القصاب اللي هو بنص الطريق و صاحله ابو علي، و دعبل ابو عبدو الجرة لعندو و هو حزين و طلع على الحارة على يساره و شاف ناس كتيرة عم تتابعه و عاملين تجمعات صغيرة، وصل عند ابو علي اللي دخله بسرعة لداخل المحل و مسكه من ياقته و السكينة بايده التانية و  قله: ابو عبدو اشبك؟ ما بقى تعرف تتصرف!
- لك اش اعمل يا ابو علي.. القصة اكبر مني .. ام عبدو فوق معصبة و الطبخة ما استوت.. و عبدو فضحني قدام التنين و طش الخبر بين اهل الحارة..
- صار لازم ننهي هاد الموضوع.. تعال معي..

الطريقة اللي حكى فيها ابو علي القصاب كتير جدية و حاسمة، و كان مصمم ينتهي من الموضوع، و ابو عبدو جارنا مشي معه و ترك الجرة بمحله و نزل الدرابية نصفها و مشي باتجاه المحلات.. ابو علي قال السلام عليكم و رد عليه الجوجة و طلع بابو عبدو و قله : اهلين ابو عبدو وين الجرة خاي؟ ما بدك تبدلها؟
ابو علي قله : انحلت القصة خاي.. رح نعبي من عندك مرة و من عند البصال مرة..

ابو عبدو حاول يخبي ابتسامة الشماتة لما ابوعلي تغسل بالبهدلة و تبزق عليه و كان الجوجة بدو يضربه و خلصوا ابو علي من بين ايديه.. طبعاً المسبات وصلت لعند زباين بيت البصال.. على الرغم من انه بيت البصال مسالمين بس المشكلة بأنصارهن انه ما سكتوله لابو عبدو..و علقت الحارة ببعضها.. و نزلت الشنتيانات و العصي.. و هيك لحتى اجت دورية الشرطة القريبة من مكان الحدث ..و الكل هرب ..

القفلة انه كملت ام عبدو طبختها على جرتنا الغاز لحتى نقصر الشر، و مشي حال ابو عبدو و قرر يصير يعبي غاز من عند الشلحاوي و يعمل كرت و رقم عندو، و القفلة التانية انه خلصت جرتنا الغاز وقتها و ما استوت طبختنا العيد و فطرنا زيت و زعتر و سكبلنا ابو عبدو صحن محشي صغير تاني يوم، و بقينا ٣ ايام العيد بدون غاز نحن و ابو عبدو..

موطن الشاهد : وقت ابنك الصغير بيكون راكض لعندك و بدو يخبرك لا تنهار.., سدله تمه قبل ما يحكي و يفضح الدنيا..












الخميس، 6 سبتمبر 2018

قصص ابو عبدو جارنا- فرن الذرّة..(19)

يمكن نص شباب الحارة اشتغلوا بفرن اسمه فرن "الذرّة" طبعا لا فيه ذرة و لا نووي ..بس كل الافران اللي بعرفها بحلب اسمها فرن الذرّة ليش ما بعرف!..
ما علينا .. المهم انه #ابوعبدوجارنا اشتغل بالفرن لانه بيحب دوام الفرن كتير من ال٤ . فجرا حتى ال١١ قبل الضهر و باقي اليوم كله معك.. و هالحكي على ما اذكر بشتوية ٢٠٠٩ لانه بتذكر وقتها انه اجا المعلم دكتور العيون و مرته على حلب مشان يزوروا خولة اللي عمرها ٤ سنوات و اغتصبوها اربع شباب جنب صالة افراح بمساكن هنانو.. الجريمة وقتها كانت وحدة من الجرايم اللي كان الاعلام شغال عليها بحلب .. و ما بعرف ليش كانت شغلة الاعلام انه يحكي عن الجرايم بحلب و بس .. و كأنه ما في جرايم غير بحلب!

المهم كان الحديث الشاغل للشارع هي الجريمة و زيارة الدكتور الريّس و مرته لبيتها.. و انه رح ينعدموا هدول الاربع مجرمين.. و حتى وقت شفت ابو عبدو جارنا رجعان من الشغل بالفرن و تيابه كلها طحين حتى رموشه و حواجبه كمان ضحكت و قلتله: صاير شبح لك يا ابو عبدو .. دير بالك لا ترعب الاولاد و تروح بخبر كان هه..

بس أبو عبدو ما ضحك .. كان محرور .. رجعت قلتله:
- اشبك ابو شريك .. ليش محرور؟
- لك عيفني بهمي يا زلمة .. طلع صاحب الفرن عديل ابن خالة ابوه للي اغتصب البنت!
- اي و اش الفكرة يعني ؟
- اشو الفكرة! الفكرة انه اهل الحارة عبيقولوا انه لازم ابو نمر صاحب الفرن يتقلع من الحارة..
- اوف اوف!! و مين هاد اللي طالع هالنظرية؟
- ابو هاشم صاحب الكشك.. اكتر واحد عبينكش .. شي ابو نمر زار الزلمة في البيت بسنة ٢٠٠٥ و شي بيطبع ورقة لابو نمر متصور قال مع ابوه للولد ..
- اي و انت ليش مزعوج شو دخلك؟
- لك شلون شو دخلني ؟ من وقت طالع هالحكي و قرروا اهل الحارة انه ابو نمر لازم يتقلع من الحارة و بلشت العالم تتنقنق .. واحد بيقول خبزكن محروق .. و التاني الوزن مو نظامي... التالت كل الشغيلة بالفرن حرامية..

و صار يبكي ابو عبدو .. انا اول مرة بشوفه عبيبكي .. و هو عبيشهق و يبكي قلي:
- بربك يا ابو فاروق انا بعد هالعمر يقولوا عني حرامي؟ لك شو دخل هي القصة بهي وهديك بهديك!
- مين عبيقول عنك هالحكي؟
- اول واحد بياع المازوت الاشقر عباس..  اللي . كان بدو يعبيلي انقص ١٠٠ لتر بالخزان و كشفته و تقاتلنا .. اجته فرصته و بلش هون و هون.. صارت شغلته و عملته.. حتى بعتلي دورية شرطة من كم يوم عالبيت قال انا سارق موبايل امه.. اجوا لعندي و اعتذروا مني و راحوا ..
- لعمة شقد تافه .. طيب انت ليش عبتدافع عن ابو نمر؟
- لك ما عبدافع عن حدا يا زلمة .. بعدين الزلمة اش ذنبه ؟ هو اللي اغتصب خولة ! قرايبه من بعيد و متبري منه ..بس الناس ما بدهن يصدقوه بدهن ياه يطلع من الفرن او بيعملونا حرامية و نشالين و مجرمين لانه عم نشتغل معه !

و هيك كل يوم صار يرجع ابو عبدو على بيته و هو حزين و كئيب اكتر من اليوم اللي قبله .. لحتى تفاجأ بيوم من الايام انه صاحب الكشك ابو هاشم عم يعرض على ابو نمر شرية طحين عن طريق رفيقه .. و بياع المازوت عباس عم يبيع مازوت للفرن من تحت لتحت و بيسب و بيشتم اللي بيشتغل بالفرن قدام الناس..

 كان الدنيا عصريات و انا عم اسمع زياد الرحباني عبيغني عايشة وحدا بلاك.. و لما وصل لعند "حاجي . تحلل بحياتك .. تسلملي تحليلاتك.." دق الباب .. ركضت عالناضور شفت ابو عبدو الحزين .. فتحت الباب.. و قعدنا على قرص الدرج.. كان ابو عبدو قرفان كتير:
- خير اب عبدووو..
- مو انت نصحتني يا ابو فاروق انه ما اترك الفرن ؟
- اي مزبوط.. لا ترد عليهن هدول علاكين و انتو شغلكن نظامي..
- ايوا .. لكان شلون بتحكي لابو محمد بياع السحلب انه كرهان الفرن.. و صاحب الفرن ؟
- اه.. اي.. اااا.. يا ابو عبدو اش بدي اقلك .. الكل عم يسب عالفرن و عبيقول حرامية و عبتغشوا بالوزن و حتى اخر ما حرر انه عم تحطوا كافور بالخبز مشان توقفوا نسل الحارة لانه متعاملين مع اسرائيل..
- هاد انت يا ابو فاروق صاحب العقل؟
- لك يا ابو عبدو .. اذا جن ربعك عقلك ما ينفعك..
- عكل حال لا تشتروا من عنا خبز انتو عضوات .. منبيع للناس العادية اللي مالها مصالح و ما بتعرف تضرّ و تتخرين.. و ما رح يوقف الفرن يا ابو فاروق..
- انا بقلك شغلة ابو عبدو.. انت لا بقى تقول انك عبتشتغل بالفرن .. كل الحارة بتعرفك نظامي و ما بتاكل حرام..ما حدا عبيحكي عليك .. نحن عم نحكي عن ابو نمر..
- اش اقول لكان؟ انه عبشتغل بياع احذية ؟ اشبك يا زلمة ؟! عكل حال في الله..

لعمة انا وقتها صرت قد النملة.. شو اعمل لك الفرن خبزه كويس.. بس مالي عين ادافع عنه قدام الشباب لانه الكل متفق عليه بدهن يسكروه .. حتى ابو عبدو صار يحسسني انه اذا انمسك و انحبس بيكون برقبتي .. و قعدت افكر بحل طول الليل و تاني يوم قررت ابادر بالحل .. و نزلت و جمعت اهل الحارة و الكبارية و حكيت كلشي عندي.. حكيت حكيت ..يمكن اكتر من ساعتين .. طبعاً متوقعين انه لاقيت الحل؟ اللي انحلّ وقتها هي رقبتي بعد ما اكلت بزقات و بهدلات من كل الحاضرين و بقيت بالحمام ٣ ساعات عم فكر بالتصرف اللي تصرفته .. و شقد انا متهور؟ الشغلة اكبر مني و من مبادراتي الجحشة..

اهل الحارة ما بقى يرموا عليي السلام .. و اجا وقتها زارني ابو عبدو و قلي انه بيعرف كلشي حكيته و بيعرف ليش هيك صار فيني وقلي ابو نمر خايف يجي يسلم عليك مشان ما تركبك التهمة .. قلتله :  عليك و عليه و عاللي تأثر بكلامك .. و قلعته لابو عبدو ..
ما رجعنا نحكي انا و ابو عبدو مع بعض لحتى ترك الفرن .. وقت ترك الفرن صار بطل قومي .. انشال ع الاكتاف و عملناله عراضة..

هلأ صحي بقي ابو عبدو عبيدور على شغل ٧ شهور و عايش بالدين .. و صحي اشتغل ابو  هاشم كشك و عباس بياع المازوت مع ابو نمر لاحقاً.. و صاروا يطالعوا تبريرات لابو نمر و رجعت سمعته دهب .. بس صار ابو عبدو بطل قومي و انشال عالكتاف لمدة ١٠ دقايق و فرح كتير ..

السبت، 17 مارس 2018

قصص أبو عبدو جارنا - أبو حمدو الزنكيل ...(18)

بحارتنا لا تستطيع تمييز العامل من الموظف من التاجر، فبستان القصر كانت ضد التمييز الطبقي رغماً، ليست قناعة و لكن ظروف الحارة تفرض عليك أن تلبس حلتها، فالجميع يلبس الكلابية البيضاء يوم الجمعة مثلاً، و الجميع يحلق لحيته يوم الخميس و يحمل "فروجة مشوية" من عند "فروج يا لذيذ يا رايق" أو "بركات" أو "البغدادي" أو أو .. ما شاء الله حارتنا فيها 20 محل للفروج المشوي..
ما علينا..
كانت هذه المقدمة حتى نعرف لماذا أخطأ #أبو_عبدو_جارنا بتقييم أبو حمدو الزنكيل، القصة و ما فيها أن ابو عبدو دخل إلى محل أبو أحمد الخضرجي و طلب كيلو أجاص "عرموط" بالحلبي.. و ضحك أبو حمد الجالس على كرسي حديدي صغير إلى جانب أبو أحمد، فجن جنون أبو عبدو و سأله:
- و ليش عبتضحك يا حمودة؟
و حمودة استصغار للشخص .. لأنها دلع و تصغير لاسم أحمد و محمد.. فانتفض أبو أحمد من كرسيه و هبّ قائلاً:
- ابو عبدو .. الزلمة عبيضحك على نكتة حكيتله ياها.. انت اش حشرك بالنص؟
و استمر النقاش و الصراخ بين إنه يضحك على سؤالي.. و بين يضحك على النكتة.. بينما أبو حمدو كان مستغرباً...
مرّت الأيام و عاد أبو حمدو الزنكيل بسيارته الفارهة للحارة بمشروع ذهبي .. المشروع أن يأخذ أبو حمدو الزنكيل منك أموالك و يعطيك أرباحاً شهرية بنسبة 10 بالمئة.. و بالتدريج كل الحارة أودعت كل ما تدّخر لديه إلا جارنا ابو عبدو.. و بدأت الحارة تنتعش.. زبدية اشترى تلفزيون .. و أبو محمد اشترى غسالة .. و كل يوم يشاهد سكان الحارة يجتمعون في زاوية الحارة قرب عيدو أبو البوظة.. و لا أحد بات يذهب للعمل سوى أبو عبدو.. و بدأت أم عبدو "تنخر في عظامه" كما قال لي:
- أم عبدو صرعت طيزي يا أبو فاروق.. على ليش و نحن أحق.. و ببيع الدهبات..
- يا أبو عبدو انت خليك بشغلك و خلص مو تقاتلت معه؟
- أبو فاروق صحي أنت حطيت معه مية الف بالسر و ما بدك تحسس حدا؟
- هلأ انت التهي بحالك و بمشكلتك..
- يعني حطيت؟
- ما حطيت اتطمن أصلاً ما معي و لا فرنك و لو معي ما بحط..
- طيب تعا اقنعلي أم عبدو !

و قررنا أن نقنع ام عبدو.. و عينت أمي لجنة من نساء الحارة الذين لم يمتلكوا نقوداً لوضعها مثلنا مع أبو حمدو أو الغير مقتنعين.. و بعد ست ساعات حوار و نقاش خرجت النسوة بخفيّ حنين.. لم يستطيعوا اقناعها..
مرت الأيام و مضت أكثر من سنة .. و عوّض أهل الحارة نقودهم و فوقها حبة مسك.. ثم أغلق أبو حمدو تجارته و أعاد الرأسمال لأصحابه بليلة خاطفة و بسرعة.. و لم تتحقق نبوئتي بأنه سيكون نصاباً و لن يعيد النقود لأهلها.. و كانت ليلة ارجاع النقود ليلة ندم و شؤم عليّ و على أبو عبدو و خاصة على رأس أم عبدو التي كانت تبكي و تندب حظها طوال تلك الليلة..

صباح اليوم التالي استيقظنا على صراخ أبو أحمد الخضري.. ركضت إلى الشرفة و رايته يركض بقميصه الداخلي ذهاباً و اياباً و هو يصرخ و كأن ميتاً مات له.. خرج أبو عبدالله السمين صاحب الشارب الكث و الصوت الأجش و صرخ من شرفته:
- اشبك لك أبو أحمد انسرقوا مصاريك كني؟
- لك يا ريييت انسرقوا يا ريت.. ااااخ يا ابو عبد الله ..
- لكاااان اش في ماتت مرتك ام أحمد؟
- لك يا ريت .. يا ريت..
- لكان اشبك لا تخليني اشلف هالشقف الزرع فوق راسك و اخلص منك  و من صريخك هه...

و اجتمع رجال الحي كلهم بالقمصان الداخلية يتباكون و يصرخون قرب دكان أبو أحمد.. كان فجر ذلك اليوم ممتلئاً بالضجيج و الصراخ و العويل.. و  أبو عبد الله السمين أصيب بجلطة و أسعفوه للمشفى..
بعد أن اكتشف أبو أحمد أن النقود التي أعادها ابو حمدو مزورة..
 و تبعه أبو عبد الله .. و الجميع ..
نظر إليّ أبو عبدو جارنا و أخفى ضحكته.. و أنا رفعت كتفيّ أن لا أعلم..
أمي اشتفت بأم عبدو .. و أشبعتها كلاماً طوال أسبوع كامل..
و أنا و أبو عبدو كنا نحاول عدم الظهور أمام أهل الحي الذين كانوا يقولون عنا أغبياء و لا نفهم..
موطن الشاهد يا شباب:
اعمل اللي براسك .. و قول "عرموط" و لو ضحك الزنكيل أب حمدوووو