الاثنين، 17 يونيو 2019

قصص أبو عبدو جارنا - حكمت الطالب المجتهد (24)





كان حكمت شب نضيف و مرتب و درّيس و من بعيد بتشوف النضافة والقطافة عم تشرشر منه، و هو أكتر حدا كان بين طلاب مدرستنا بالإعدادي يلبس بنطلون قماش أبو كسرة، و كان يلبس كرافات .. أي تخيلتو طالب اعدادي ببستان القصر يلبس كرافات بدها جرأة القصة أو .. أو انفصال عن الواقع.. لأنه كانت الكرافة أكتر شغلة يتمسخروا عليها بالحارة ..

طبعاً هاد الاستهزاء و المسخرة هنن الخطوط الحمرا اللي مقيدتنا بالحارة، يعني ما بتسترجي تلبس نضارة شمسية، بتصير مسخرة الحارة، و لا بتقدر تلبس شورط، بتصير ملطشة للي بيعرفك و اللي ما بيعرفك، و ع الرغم من هيك كان حكمت كاسر هالخط الأحمر بلبسه المرتب.

و حكمت كان ذكي و شاطر بس قوي بالنظري اكتر من العملي و بالمجتمع ما كتير بيعرف يتصرف أو يحكي، يعني بتذكر مرة كنا واقفين عند بياع الفلافل و كان حكمت حاضن دفاتره و كتبه و عم يطلع بواحد أقل ما يقال عنه بالحارة "قزلة" و هو مصطلح يدل على أنه هاد الشب القزلة هو غير أخلاقي، متنمّر، يحب المشاكل، يكره الناس و بعدين آخر شي بيقولوا عنه معدّل يعني ما بيعتدي ع حدا اذا ما هالحدا قرّب صوبه.

عند النظرة التانية من حكمت للشب قله هداك الشب: خير ابن عميم؟ بنفسك شي؟
هلأ ما رح اشرح شو يعني بنفسك شي لأنه بدها يومين شرح، و أرضية ننطلق منها، المهم دلالتها انه في مشكلة رح تصير أو شو رأيك نتقاتل.. المفروض حكمت يجاوب حيشاك خاي.. التطليع بالملوك.. بس حكمت باعتبار نضاراته سميكة كان عم يشبّه على الشب القزل "أي قزل بتجي الصفة مذكر و مؤنث" و قال حكمت: ما فهمت عليك؟
قله الشب: لا يكون ما عجبك؟
قله حكمت بدافع الخوف: لا عجبني عجبني..
و هون قامت القيامة .. لأنه كلمة عجبني الها دلالات تانية أقل ما يقال عنها رومانسية..
و هجم الشب على حكمت.. و خلصناه من بين ايديه بالزور .. و حكمت صار يبكي و ما عرف شو اللي صاير..

المهم .. راحت أيام و اجت أيام و حكمت صار موظف حكومي.. و بأول أيام الثورة واحد من أشباه الشب القزل رفع فيه تقرير .. و خلاه لحكمت يهرب على مناطق الثورة.. و بدأ يعيش الجو الجديد .. طبعاً حكمت مثقف و قوي ادارياً و ما طول شهرين الناس بالضيعة اللي نزح عليها اكتشفوا قوته الادارية و عمق ثقافته… و سلموه منصب اداري رفيع بالمجلس المحلي و منه لأعلى .. و ما ترك محكمة و لا وظيفة من الوظايف إلا و اشتغل فيها .. هيك حتى صار عندو منظمة ..

القصة و ما فيها أنه حكمت استطاع حل مشكلة التقرير بحلب .. و بالعطلة الصيفية ترك منظمته بتركيا و نزل صيّف بحلب مع اهله.. و هلأ في 4 ثوار عندهن حالات بتر بالمعارك عم ينتظروه على باب المنظمة حتى يوقعلهن على ورقة مشان يستلموا أطراف صناعية ..

موطن الشاهد: في ناس ما بتعرف تدعيلها و لا تدعي عليها و لا تدعي على حالك؟!

السبت، 15 يونيو 2019

قصص أبو عبدو جارنا - أبو عمارة و انتحار أبو عبدو (23)




بين البنايات المهدّمة و البيوت المايلة .. بين البلاكين المعلقة.. بحلب الشرقية .. عايش أبو عبدو جارنا اليوم.. و تحديداً بحارة اسمها بستان القصر..

أبو عبدو كان شيخ شباب .. طول عمره بيشتغل و بيكدح و ع قولته من البيت للشغل و من الشغل للبيت.. و ما طلع من بيته و لا من حارته .. لا بوجود القصف و لا بعد ما وقف القصف..

كانت ذكرياتي مع ابو عبدو كتير حلوة .. و كان مصدر للضحك و الفرح .. بس اليوم ما بعرف شبه متغير.. صاير حزين و محبط و أموره تعبانة.. حتى محاولات ام عبدو انها تعمله اصبع بإيدها تماشياً مع وصايا الوالدة ..
ما بقى تأثر بأبو عبدو .. و خافت كتير عليه .. يعني ما عاد في منافسة بحكم البيت..

اتصلت ام عبدو بزوجتي و ترجتها احكي معه .. و أشوف شبه ؟
قلتلا لمرتي شو بدي احكي معه .؟ يعني حالنا أحسن من حاله ؟ هاتي لأشوف !

ألو مرحبا أبو عبدووووو "هيك مطيتا مشان يتذكر أني موين"
قلي بثقة غريبة: أهلين أهلين أبو فاروق .. مرتي حكت مع مرتك مشان تطالعني من حالة الكآبة؟
قلتله: أوف أوف ؟ عم تقرا افكار و لا اشتغل مخك بغيابي؟
قلي: من شهرين هالحالة .. قلت يمكن من كتر ما رحت و جيت عالفرع .. صرت اعرف كيف بيفكر و بيحلل المحقق .. قلي شو بدك تقلي و خلص ما بدها مقدمات..
قلتله: شوف يا أبو عبدو ..
قاطعني و قلي: بدك تحكيلي عن الأمل و الحياة الحلوة بس نفهمها صح؟
قلتله مدهوشاً: أي و الله مزبوط .. لك صاير مالك سهل يا ابو عبدو؟ خير ليش مكتئب لكان طالما عم تعرف الشغلة قبل ما نقولها و عم تقرا افكار ؟!!!
قلي: شفت البارحة سيادته عالتلفزيون ..
قلتله: أي؟ مشان هيك مكتئب ؟ يعني عرفت كلشي عم يدور بمخه !
قلي: و هي القفزة اللي بدي اقفزها هلأ... بمناسبة أنه ما قريت شي أبداً.. شلون فنجان القهوة الأسود بأسود؟ فاضي بس بيخوف و أسود أسود .. هلأ بدك شي؟
قلتله: لك قفزة ايش ابو عبدو وين انت؟
قلي: بالطابق ال16 فوق القصر البلدي .. يلاااااااااا
بس من حسن حظه لأبو عبدو .. وقع فوق راس مسؤول كبير .. و مات المسؤول .. و تبنت أبو عمارة العملية.. و صابني الاكتئاب إلي..
و أبو عبدو بالمشفى متكسر من 3 أيام .. طلع راس المسؤول يابس..

موطن الشاهد: الطير الطاير ما منخليه يتبنى قبلنا .. التبني هو شعارنا