الاثنين، 15 مايو 2017

قصص أبو عبدو جارنا - مدينة النسوان...(16)

لما كان #أبو_عبدو_جارنا صغير و أول ما شاف بالتمانينات فلم مصري فيه "بوسات" و تشليط.. بلش يفكّر و يحلم بالجنس الآخر، و قلي أنه و هو صف سادس كانت أقصى أحلامه هي أنه يشوف بنت الجيران مزلطة!
و كان يتخيل قبل ما ينام أنه لبس طاقية الإخفا تبع افلام الكرتون و دخل على حمام النسوان، و كان يحاول دائماً أنه يختلس النظر على غرف المشالح لما يروح على بياعي الألبسة النسائية مع أمه، و أحياناً يسرق نظرة من هون أو من هون، بس بالليل كان يبكي و يستغفر ربه كتير و يتوب و يقول حرّمت هي آخر مرة يا ربي سامحني و لا تاخدني عالنار.

أبو عبدو صارت عندو قصة البنات عقدة و خصوصي أمه الله يصلحها كانت كتير كتير تخوّفه و تزوّدها حتى صار انطوائي و يخجل من أي مرة أو بنت بتحكي معه،  يعني قلي أنه وقت أجتهم آنسة الانكليزي "هند" بالصف التامن، كان كل الصف يطلع عليها و هي عم ترفع جرابها الأسود "الفوال" لفوق الركبة، إلا هو كان يخجل و يدير وجهه...
 و رفقاته اللي قاعدين بالمقعد نفسه سجلوا عندها دورة بالبيت و صاروا يحكوله قصص و حكايا و مغامرات، شي شافوها بالمنشفة و هي طالعة من الحمام، و شي شافوا صورتها بالمايو و قصص ما الها والي، و عجزوا فيه انه يروح معهم درس واحد كضيف، و بعد ضغط كبير عليه وافق و راح معهم و هو وصل عند باب بيتها و فتحت الباب و شافها بملابس البيت و بدون حجاب، احمرّ وجهه و غص و ركض عالبيت بدون ما يحكي و لا كلمة، و راح دفن راسه تحت المخدّة لتاني يوم.

كبر أبو عبدو و حاول التأقلم مع هاي العقدة و لاقى حلول أنه ما يحسس حدا فيها، و بالفعل ما حدا حس عليه حتى مرته أم عبدو، مع أنه توقع تنفكّ العقدة بعد ما يتجوز .. و لكن بدون جدوى!

دارت الأيام كما تقول أم كلثوم، و مرت الأيام و رجعت حلب لإيد النظام و أبو عبدو بعد تردد كبير و خوف و عدة قرارات متباينة، قرر يبقى بمناطق النظام، و كان اليوم الأول اللي بدو يعبر فيه من بستان القصر للجميلية بعد ست سنوات من السكن بالمناطق المحررة.

نزل أبو عبدو من بيته و وصل عالسرفيس.. استغرب أول شي .. لقد كان المنظر مهيباً، أبو عبدو صار قدّ الكمشة، كل ركاب السرفيس بنات!.. تطلع بنت العشرين و تقعد جنبه .. و تنزل بنت التلاتين! و على هاد و متله .. و أبو عبدو داير وجهه عالشباك و لونه مخطوف و هالبارفانات و الأصوات الأنثوية عم تهف حواليه، لحتى وصل عالجميلية و نزل من السرفيس و مشي أبو عبدو و شاف بنت عم تبيع شاورما، ضحك و عرف أنه عم يحلم، و رفع راسه و كمل بالحلم و كل المشاة حواليه بنات شي بمانطو و شي سبور و شي بحجاب و شي بلا حجاب، و صار يحكي معهن عادي و والكل كان عم يتطلع عليه و كأنه الرجل الأخير في حلب.

ضرب حاله أول كف و التاني عند الحاجز و لكن ما صحي أبو عبدو، و ناوله الهوية و مرق بعد بهدله أدبية  و كفين لأنه من بستان القصر، و قال بدي روح على حمام النسوان .. لحتى يكمل الحلم معي.. و بالفعل وصل على حمام النسوان و دخل جادبها و قال شو بدو يطلع من أمرها .. هو حلم..

كان أبو عبدو طاحش الطحشة الغريبة و متمسح و كأنه ما عم يسمع، و المرة اللي عالاستقبال عم تصرخ و تولول، قلي أبو عبدو أنه المشهد بطيء كان انا عم امشي باتجاه باب الدخول و الموظفات عم يركضوا و يولولوا حوالي.. و فتحت الباب و شفت أول مرة من الوزن الثقيل بوجههي و غمي علي..

بعد ما طلع من المشفى أبو عبدو بسبب ضربه بمقلاية حجم عائلي على رأسه من قبل الموظفة بعد أن تجاوز باب الدخول، تحول عالمخفر و انحبس كم يوم و طلع من الحبس و هو مو فهمان شو هالحلم!
و بطريقه من السجن للبيت كمان شاف بنات و نسوان عالطرقات و بوسائل النقل و نسبة الرجال اللي شافهن ما بتتجاوز ١ بالمية!.. كمل و وصل عالبيت و عرف القصة...

و حكالي عالواتس أب:
أنا: أي و بعد ما طلعت من السجن!
هو: الله لا يرويك.. أتاري مو حلم.. بس حلب ما بقيان فيا زلم.. كله يا طيفش يا مهاجر يا مقتول يا محبوس!
أنا: ههههه .. بس حققت حلمك و شفت حمام النسوان
هو: الله لا يرويك عهالشوفة اللي شفتها .. لك حظي من يوم يومه أسود.. الله وكيلك ما شفت غير ختيارة وزنها ١٥٠ كيلو و عم تتحمم بالملحفة و مغطية وراها كلشي... لا و صرخِت صوت بالمقلوب لما شفتها...
أنا: يعني انفكت عقدتك و لا لأ؟
هو: اي صايرات متل الرز .. عبشوف كل يوم مشكل ملون و اجباري بدي اتعامل معهن .. شي بياعة و شي موظفة و شي شبيحة عالحاجز.... ما بقي غير تشتغل شوفيرة تكسي .. و يمكن في بس أنا ما شفت..
أنا: ههههه يعني ما بقيان عرسان بحلب؟ من وين عم تستوردوا؟
هو: و الله الوحيد متل حكايتي ما بيهمه هالأسئلة .. نحن العين علينا هالكم شامة اللي نفدوا من الطوفان.. أبو التأجيل  و الوحيد و الكبير بالعمر... الباقي عالجبهات بدون تدريب يعني عالموت...
أنا: شو مشروعك القادم لكان؟
هو: مثنى و ثلاث و رباااااع... ههههه


موطن الشاهد: لا تخلط بين الحلم و الحقيقة ..خليك عالارض












الأحد، 7 مايو 2017

قصص أبو عبدو جارنا - اللعب مع الجان ج4 ...(15)

الاجتماع بدكانة محمد المصلح اله طعمة و ريحة غريبة، يعني ريحة القصدير اللي بيشتغل فيه مع ريحة الرطوبة اللي معبية المحل اللي فيه تلل كراكيب و قطع الكترونية و العتمة و الضيقة، و ما عدا هيك عم نلعب مع مساعد بأمن الدولة و ساحر..

الحارة كانت هادية متل أي يوم تاني، و الاولاد عم يلعبوا فيها رايحين جايين من قدام الدكان، و نحن الخمسة متجمعين حوالي الموبايل و محمد كبس زر التسجيل على مسجلة الكاسيت اللي عندو و بلش الصوت يوصل:
الشيخ: ألو ..ألو..
زوجته: مع مين عم تحكي؟
الشيخ: مع الأرشيف بالفرع .. بدي معلومات عن زبون اليوم جاييني.. ما عبيردوا العرصات...

وقت قال "عرصات" كلياتنا طلعنا بأبو عبدو اللي مقدسه للشيخ و قال عنه أنه ما بيحكي كلمة غلط هيك ولا هيك .. و هو طلع بالسقف و صار يحك راسه...تابعنا التنصت .. و بعدين عرفنا كل الترتيب و بناء عليه توزعت المهام و كان باقي لموعد أبو علي مع شريك الحفر الجديد خمس دقايق و أجا بالفعل الزلمة و عرفنا أنه المساعد أبو ابراهيم بيجيب فيش الزبون قبل ما يوصل لعنده من أرشيف الفرع تبعه... و بيدوخ الزبون .. و أنه حابكها مع الفرع من عشرين سنة أنه بطريقة الشيخ بيجيب معلومات عن المواطنين و بيخدم الفرع و بنفس الوقت بينصب عليهن مصاري و بيعطي لمعلمه رزقته إذا وصل شي لفوق و بيحبس الزبون اللي بيطلع عليه بالعالي بتقرير صغير للفرع بيودّيه بخبر كانَ...

أبو أحمد الخضرجي ما كان يحكيلنا قصته مع الشيخ .. حاولنا نعرف و كان ينكر .. مع أنه مبيّن أنه حاقد عليه و أنه فلّس كمان من وراه .. و بعدين عن طريق النسوان عرفنا أنه الشيخ شافط منه كل مصاريه على أساس يشفيله بنته من العقم!

وصل أبو علي و شريكه لعند الشيخ أبو ابراهيم و دخلوا و قعدت أنا عالبلكون و عم راقب و أبو أحمد الخضرجي كان عم يتنصت و يسجل الحديث و محمد المصلح واقف بباب بنايته للشيخ و عم ينتظر إشارتي..
طفي الضو بالغرفة و اشتغل الضو الأخضر و أبو أحمد سمع الطلاسم الغريبة و عطاني اشارة من تحت بالبيل الكشاف و أنا ركزت عالبلكون و عطيت اشارة لمحمد المصلح و محمد نط بالقطاعة اللي بإيدو و قطع كبل الكهربا الخارجي اللي ممدّد للبلكون و ركض محمد عمحله ... و أنا نزلت كمان و قعدنا نتسمع شو عم يصير.. و ما في خمس دقايق الشباب نزلوا..

قعدنا بمحل أبو علي لأنه ابعد شي عن بيت أبو ابراهيم الشيخ .. و أوسع... و كان أبو علي عم يضحك و يتكركر..قله أبو علي لمحمد يساوي شاي و هو عم يتسهسك.. و الكل عم يطلع فيه بنظرة ازدراء:
أنا: أي و بعدين أبو علي ! ما رح تحكيلنا اش سبب هالضحك ؟
أبو علي: هههه أي .. يلا .. هههه شو بدي أحكي لأحكي .. يا شباب.. دخلنا لعند الشيخ و استلمنا عشرة بلدي كالعادة و سرد قصة الشب اللي معي من طقطق للسلام عليكم ..
أنا: أي .. هي منعرفها و سمعناها .. بس وقت كان عم يقول جاهزين و وين البخور .. خلص شحن الجوال اللي فوق و ما عاد سمعنا شو صار بعدين..
أبو علي: هاد يا سيدي .. جاب هالبخور و المنقل كالعادة و صاح الكلام اللي بيقوله عادةً و طلع بطرف عينه عالباب ما تحرك الباب.. و طلع عالضو ما انطفى الضو.. و بعدين حاول يهز المنقل بايدو لانه مع عم ينهز و يطير كالعادة ههههه...
محمد المصلح جاب الشاي و قال: قلتلكن هي الدارة هي اللي بتحرك كلشي و بتطفي الضو و بتشغله.. الكهربجي اللي ركبها صاحبي و حكالي كلشي .. يعني متل ما توقعت.. تفضلوا اشربوا شاي..
أبو علي: لك أي و الشيخ ما بقى يعرف اش بدو يحكي .. و آخر الشي قال الظاهر الجن الأحمر مشغولين بمعركة مع الجن الأزرق ما حدا عم يرد عليه هههه... و قال نجي شي يومين...
محمد: و الله لادوخه.. رايح اوصل الكبل قبل ما ينزل و يعرف العطل..
أنا: شو رأيك أستاذ ياسر.؟ بيطلع مادة مرتبة من اللي شفته؟

الكل طلع على شريك أبو علي باستغراب .. ما الهن خبر انه ياسر جبر هو الشريك و انه هو الصحفي المعروف بقصص الفضايح و ما بيخاف من كلمته و قلمه جريء.. نحن عطيناه للشيخ غير اسم و هو  بحث عنه و جاب معلومات شخص تاني و مرقت عليه..

ياسر: مو مادة بس رح افضحه بتحقيق صحفي و نزله عالموقع بالتسجيلات الصوتية اللي عندكن و الصور السرية اللي صورتها ..

كانت سهرة الانتصار على الدجل عامرة بالضحك و القاء النكت و الاغاني و الرقص.. و خلصت السهرة الساعة ١٢ بالليل تقريباً و كل واحد راح على بيته .. كان أبو عبدو جارنا الوحيد اللي خايف .. بينما الكل كان حاسس أنه قضينا على الشيطان و ما بقى يتكرر اسمه مرة تانية .. و الناس رح تحسب الف حساب قبل ما تروح لعند دجال تاني بعد ما ينفضح بالإعلام ..


اليوم التاني كنا بانتظار المادة الصحفية .. نزلت عالحارة و كان يوم جمعة و بعد الصلاة الحارة بتصير حارة ملائكة الكل لابس كلابيات بيضاء و عاملين حلقات دينية و عم يتناقشوا بخطبة الشيخ و بأمور الدين .. و عربيات الخضرة قدام الجامع و بياع الجرابات و بياع القطعة بخمسة عاملين جوقة موسيقية و عم ينادوا على بضايعهم ..

بعد ساعة فتحت موبايلي لشوف موقع الاستاذ ياسر اذا نزل الخبر و لا لسه .. مرّ من جنبي الشيخ أبو ابراهيم و ابتسم ابتسامة خبيثة و طلع فيني من تحت لفوق و راح.. فتحت الموقع و لا نازل خبر عاجل عن اختفاء الاستاذ ياسر في ظروف غامضة...

طبعاً ما رجعنا حاولنا .. و ابو علي سكر دكانته اكتر من شهر لحتى انتقل أبو ابراهيم من الحارة ... و أبو عبدو جارنا سافر عالضيعة .. و الحارة نصها فضيت .. الكل طفش.. و الشيخ ابو ابراهيم عمل زاوية جديدة بحارة تانية ... و تالتة و رابعة.. و بعد الثورة عمل كتيبة كبيرة و حارب و ناضل و الكل قال "الثورة تجب ما قبلها" .. و بعد سنتين رجع لحضن الوطن و صار يشتغل بالمصالحات ...

موطن الشاهد: عوجة...


-انتهى-

اقرأ الأجزاء السابقة: